السلام عليكم ورحمة الله وبركاتةوبعد..السـؤال:
قد كثر في هذا الزمان التلقيب بالشيخ على كلِّ مَن تصدَّر للتدريس أو الدعوة، حتى ولو كان مستواه عاديًّا جدًا بالشيخ، فأرجو من فضيلتكم بيان مدلول هذه الكلمة ومن يستحقُّها؟
وجزاكم الله خيرًا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فالشيخ هو كُلُّ مَن زاد على الخمسين، وهو فوق الكهل ودون الهرِم الذي فنيت قوته، وهو يسمَّى بالشيخ الفاني
(«التعريفات الفقهية» للبركني: (125)).
وفي مقام العلم يُطلق هذا اللقب على كلِّ كبير السنِّ المهيب الوقور الذي اكتسب التجربة في مختلف العلوم واستصحب الخبرة في مجالاتها، ويتمتَّع غالبًا بقوّة في ردِّ الشبهة وتقرير الحُجَّة ويظهر ذلك في إنتاجه العلمي والتربوي والتوجيهي، بعيدًا عن الهوى واستمالة النفس به إلى الطمع بما في أيدي الناس.
وتأسيسا على هذا المعيار فلا يليق تلقيب طالب مبتدئ في العلوم أو شاب حديث السن «بالشيخ» بالمعنى الاصطلاحي ولو اكتسب بعض العلوم أو تخرَّج من جامعة شرعية أو مركز للعلوم أو زاوية لحفظ كتاب الله، وبعض سنن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أو وُسم بشهادات وإجازات وتزكيات؛ لأن المناهج الدراسية المتبعة حاليًا قصيرة المدة لا تفي بالغرض ولا تغطي المطلوب، وجوانب النقص في الطالب على العموم بارزة بل حتى في أستاذه في الجملة فهو يحتاج بدوره إلى إعادة تأهيل. وقد نُقِلَ عن الشافعي -رحمه الله- قوله: «من طلب الرئاسة فرَّت منه وإذا تصدَّر الحدث فاته علم كثير»
(«صفة الصفوة» لابن الجوزي: (2/252)).
وفي تعليق لابن قتيبة -رحمه الله- على أثر ابن مسعود رضي الله عنه قوله: «لا يزال الناس بخيرٍ ما أخذوا العلم عن أكابرهم وأمنائهم وعلمائهم»
(«نصيحة أهل الحديث» للخطيب البغدادي1/2)،
قال -رحمه الله- شارحا معنى الأثر: «لأنَّ الشيخ قد زالت عنه متعة الشباب وحدته وعجلته وسفهه، واستصحب التجربة والخبرة، ولا يدخل عليه في علمه الشبهة، ولا يغلب عليه الهوى، ولا يميل به الطمع، ولا يستزله الشيطان استزلال الحدث، فمع السن والوقار والجلالة والهيبة، والحدث قد تدخل عليه هذه الأمور التي أمنت على الشيخ، فإذا دخلت عليه وأفتى هلك وأهلك»
( المصدر نفسه: (1/30)).
وعليه، فإنّ تلقيب من لا يليق برتبة المشيخة يندرج تحت «وضع الأشياء في غير موضعها الصحيح» مع فتح مداخل الشيطان في نفس الطالب المتطلع وتورثه هذه التلقيبات من أنواع أمراض القلوب ما لايخفى من العُجب والغرور والاكتفاء بالنفس والتكبُّر عند الطالب ونحو ذلك من آفات العلم، وقد ينعكس الأمر سلبًا على سلوكه النفسي التربوي فيؤدي إلى التشنيع بالأكابر والتنقّص منهم والنيل من مناصبهم.
وفي مقام الرئاسة والفضل والمكانة فإن إطلاق لفظ «الشيخ» يكون غالبًا مضافًا إلى مكان أو مكانة كشيخ البلد فإنه يُطلق على منصب إداري في القرية وهو دون العمدة، وشيخ الفضل والإحسان وما يقابل ذلك في باب الرذيلة كشيخ الضلالة والغواية والفساد ونحو ذلك.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 15 جمادى الثانية 1430ﻫ
الموافق ﻟ 08 جوان 2009م
من فتاوى الشيخ فركوس حفظه الله تعالى
http://www.ferkous.com/rep/Bq125.php ------
[size=16]
بعدَ المُدَّة التِي قضَيتُهَا بالمُنتدَى زائرًا أو عُضوًا ، لاحَظتُ الكَثِير مِن الإخوَة الأفَاضِلِ مَن تكثُرُ مِنهُ لفظَة -الشيخ- علَى مَن قَد لا يستحِقُّهَا وإن كَان -شيخًا- فِعلًا فالشَّيخُ لَا يقبَلُهَا توَاضُعًا أَوَ رؤيَة مِنهُ لعَدَمِ استِحقاقِهَا -فكَيفَ بِمَن لَا يستحِقُّهَا فِعلًا ؟!- ، فتِلكَ مِن الألفَاظِ العِلمِيَّة التي لَا تُقالُ إلَّا لِمَن عُرِفَ حالُهُ ومكانَته العِلمِيَّة وشهِدَ لهُ أقرانُهُ بالعِلمِ والعَمَل ، فحبذتُ نشرَ الموضوعِ لتبيَانِ المسألَة والتَّورُّعِ عَن ذكرِ تِلكَ الكَلِمَة ، والتِي وإنِ قُلتُهَا أحيَانًا فمَا قُلتُهَا إلَّا لِمَن علِمتُ حالَهُ وعِلمتُ مكَانتَهُ واللهُ أعلَمُ ...
شباب مسلم الدينى
لاتقرا وترحل ضع بصمتك برد او مشاركة
المنتدى منتداك شارك فية لكى يكون ضمن اعجاب الجميع
ادارة المنتدى