تعميم القرآن الكريم للغة العربية لغير الناطقين به
أ.د عبد الأميـر كاظـم زاهـد07/03/2011
قراءات: وطئة
يسعى
هذا البحث لاستجلاء اثر القرآن الكريم في الحث على تعليم العربية والتفكير
والنطق بها لمن آمن بالقرآن كتابا سماويا للهداية والتشريع .ويتجلى البحث
من خلال المرور السريع بالمباحث الآتية:
الاول :الخصائص التي اضفاها القرآن الكريم على اللغة العربية السائدة إبان النزول
الثاني : ارتباط الفهم العقائدي، والتشريع ألا سلامي بفهم اللغة العربية
الثالث : تطور تقنيين اللغة لهذا الغرض
الرابع : تأسيس علاقة اللغة العربية بالمسلمين من الأمم الأخرى
الخامس : اثر اللغة العربية باللغات السائدة حتى القرون المتأخرة
السادس : المحاولات المعاصرة لإلغاء اثر اللغة في وحدة المسلمين
السابع : المسؤوليات المتحققة على الجامعات العربية والإسلامية ومراكز البحث والحوزات العلمية
ومن
المرور بهذه المباحث نستطيع ان ندرك السر الذي يكمن وراء نطق وحب شعوب
الأرض من الناطقين بغير العربية إلى جانب لغتهم الأصلية ألام .يقول ارنست
رينان في كتابه: تاريخ اللغات السامية:من اغرب ما وقع في تاريخ البشر
وصعب حل سره انتشار اللغة العربية فقد كانت في البدء غير معروفة ؟ ومذ علمت
بدت لنا على غاية من الكمال سلسلة غنية متكاملة بحيث لم يدخل عليها منذ
ذلك العهد إلى يومنا هذا أدني تعديل مهم ولم نعهد قط فتوجا اعظم من فتوح
العربية ولا اشد سرعة منها وبقيت حافظة لكيانها خاصة من كل شائبة
.
المبحث الأول
الخصائص التي اضفاها القرآن على اللغة ا لعربية السائدة إبان النزول :
من
المعلوم ان القرآن الكريم هو خطاب السماء لأمم الأرض كافة هداية وتشريعا
قد نزل باللغة العربية قبل خمسة عشر قرنا وقد وصفها الله تعالى بأنها لغة
بيان فقد ورد فيها قول الله تعالى ( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من
المنذرين بلسان عربي مبين )(1) وقال ( انا أنزلناه فرآنا عربيا لعلكم
تعقلون )(2) وقد تكرر معنى لعل في خطاب النص الشريف وهي تعليليه سببيه
أي لكي تعقلوه فهي لغة العقل والمنطق ووصفها بالإحكام أي الإتقان فقال
(وكذلك أنزلناه حكما عربيا )(3)وقوله تعالى ( لو جعلناه قرانا أعجميا
لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي ) (4) وصف اللغة بأنها وعاء الخطاب
الذي تتجلى به الاستقامة الدلالية فقال ( قرآنا عربيا غير ذي عوج )(5) ووصف
اللغة بان لها القابلية على تفصيل الحقائق الفكرية وبسطها فقال ( كتاب
فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون )(6) ووصفها بانها مصدقة لكل الحقائق
فقال (هذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين)(7)
لذلك قيل : ان حكمة الله المطلقة إنما اختارت العربية وعاءً لخطاب السماء
الأخير فلأنها لغة البيان والإحكام والقدرة على استيعاب الحقائق وتفصيلها
لا ينتابها اللبس(( وان الله لما خص اللسان العربي بالبيان علم ان سائر
اللغات قاصرة عنه ))(
فهل هذه التوصيفات كانت للغة العربية إبان النزول
؟ان مؤرخي علم اللغة العربية اجمعوا على أنها وقت النزول لم تكن تحمل
بالفعل هذه التوصيفات نما كانت فيها بالقوة (الاستعداد الذاتي ) وقد نّشط
التنزيل هذه الكامن الذاتي فأعطاها هذه التوصيفات .واستندوا في ذلك ا لى:
1-
ان اللغة العربية كانت إبان النزول تكاد تنشطر إلى لهجات متباينة وكانت
اللهجات هذه يمكن ان تتطور إلى لغات مستقلة ــ لو لم يوحدها النص وللتدليل
على ذلك ـقول الفارابي : ( ان قوما من بني تميم يقلبون السين صاداً مع
أربعة حروف )هي ( الطاء والقاف والغين والخاء ) ولعل هذا هو السر في
قراءة حمزة ( وزنوا بالقصطاس المستقيم ) وقراء ته مسبغة بمصبغة وهذا
مخالف للترتيب الصوتي الذي يقرر ان الصاد صوتيا أعلى من السين وكذلك قراء ة
حمزة ( كذلك جعلناكم أمة وصطاً ) وقد قراءها بقية القراء وسطا (9) ويذكر
ابن جني ( ان قلب السين زاياً وقع في لهجة كلب مع القاف خاصة لذلك قرأت
الآية (ماسلككم في سقر : في زقر ) )وقد قرأت جملة ( حصب جهنم ) باربع صور
{بالصاد، والطاء، والظاء، الضاد} فالحصب لغة اليمن، وهو عند اهل الحجاز ما
رميت به النار.
ان هذه الابدالات في لغة العرب ــ كادت
ان تكون ظاهرة في طريقها إلى التمييز ــ يقول . إبراهيم أنيس: (ان البدو
أميل للضم، والحضر أميل للكسر) تجلى ذلك في قراءة ربيون بالكسر والضم وقد
نقل أبو حيان عن ابن جني قراءة بالفتح )(10) ولقد ذكر السيوطي ان ما يزيد
على خمسين لهجة كانت سائدة في الجزيرة العربية إبان النزول القرآني (11)
فماذا فعل القرآن الكريم إزاء تعدد اللهجات هذه؟
قال أهل
العلم : ان القرآن قد نزل بلهجة قريش يعولون في ذلك على كتاب لعمر بن
الخطاب (رض)َ لعبد الله بن مسعود (رض) لما سمع انه يقرئ الناس (عتي عين)
ان أقرئ الناس بلغة قريش فانه نزل بها ولا تقرئهم بلغة هذيل لأن ابن مسعود
هذلي والتساؤل هنا .هل القرآن فعلا بلغة قريش؟ يرى الطوسي في التبيان ان
القرآن نزل بلغة مضر (وهم اعم من قريش)
ونقل السيوطي عن
الو اسطي ان ليس في القرآن حرف غريب من لغة قريش غير ثلاثة أحرف لأن كلام
قريش سهل لين واضح وكلام العرب (غيرهم) وحشي غريب وهي (فسيغضون إليك
رؤوسهم) ( 12) وهو تحريك الرأس و(مقيتا)(13)فى قوله ان الله على كل شئ
مقيتا أي محاسبا أي مكروها و(فشرد بهم)(14)
والصحيح :
ان القرآن الكريم قد نزل اغلبه بلغة قريش التي كانت تنتقي من ألفاظ العرب
بسبب مكة وهي مكان التجمع والمواسم والأسواق كل ما هو معبر ورشيق وشفاف
وهو(15) قول ابن عبد البر في التمهيد .قال السيوطي: (( ان قول من قال : نزل
بلغة قريش معناه عندي الأغلب لأن غير لغة قريش موجودة في جميع القراءات ))
(16) وكذلك ابن مالك وأما استعمال القرآن لمفردات من لغة غير العرب فهو
محل خلاف.شديد بين العلماْء:-
أولا: أنكره الشافعي اشد
الإنكار ( 17)، وأبو عبيدة (18)، وهو مبرر لعدم تعجيزهم كما هو عن ابن
فارس(19 )، وما الألفاظ الموجودة فيه من لغات غير العربية فهو من قبيل
توارد اللغات (20) أو أخذها العرب من رحلاتهم حتى جرت مجرى العربي الفصيح
ووقع بها البيان . وقيل لأن العربية أيوسع اللغات فقد وقع بها من غيرها
الكثير( 21) ثانيا: و قيل : ان الألفاظ غير العربية فيه قليلة لا تخرجه عن
كونه عربيا
ثالثا :لأنه صرح باللا تفريط في قوله تعالى (
ما فرطنا في الكتاب من شيء ) فإحاطته جعلت فيه ما هو غير عربي فا ختيرله
من كل لغة أعذبها أخفها أكثرها استعمالا عند العرب واستند في ذلك إلى قوله
تعالى ما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ) (22) لذلك روى عن أبى ميسرة
ان فى القران من كل لسان وقد وضع القران من لدن حكيم عليم بحيث لو اجتمع
فصحاء العالم لتغيير لفظة واحدة لعجزوا عن ذلك ولعل في ذلك الرأي القائل
بان القران اخذ من كل اللغات إشعار بمشروعية التعريب فيما لا وضع له
بالعربية ولعل قول أبى عبيد ان هذه الأحرف أصولها أعجمية لكنها وقعت للعرب
أعربتها بألسنتها ومال إلى هذا القول الجواليقي وابن الجوزي (23) وعموما
فان الألفاظ غير العربية في القرآن لا تزيد على المائة من اصل آلاف (24)
ولعل وجود اللهجات في العربية إبان التنزيل دعا إلى القراءات المتعددة
(25) التي بررت بما رواه الطبري عن الزهري بإسناده إلى ابن عباس بقوله
(ص) (( أقرأني جبرائيل على حرف فراجعتهُ فلم أزل استزيد فيزيدني حتى
انتهى إلى سبعة أحرف )) (26) وقد فسر الشراح ذلك بالقراءات في وجوه تفسير
الحديث الذىكثرت وجوهه. ولكن بمقابل هذا نرى ان زارة ابن أعين (رض) يروى عن
الإمام الباقر (ع) قوله(( ان القرآن واحد نزل من عند الواحد ولكن
الاختلاف يجيء من قبل الرواة ))(27) وكذلك رواية الفضيل بن يسار عن ألأمام
الصادق (ع) ان اختلاف لهجات العرب ــ إبان التنزيل في التثنية والجمع
والتذكير أنيث والتصريف ووجوه الإعراب والنقص والزيادة ثم الإبدال وما
شاكلته يجعلنا نقول ا نها لم تكن وقت النزول بالفعل لغة بيان انما لما أراد
الله لها ان تحمل النص الشريف أصبحت لغة مبينة محكمة ولقد أوضح السياق
القرآني عددا من المفردات لم تكن مفهومة عند عرب الحجاز مثل الأرائك :
الاسّره ، المرجان : صغار اللؤلؤ، يفتنكم : يضلكم ، مراغماً : منفسحا ،
مدراراً : متتابعاً ، الأجداث : القبور ، الو دق : المطر :الر فث : الجماع ،
الوصيد : الفناء ، بست : فتتت
لذلك نقول : ان لهجات
العرب كانت تراق التميز فوحدها النص الشريف وضم أليها من كل اللهجات ما
وافق القياس في الدلالة والصوت والاشتقاق فصانها من التمييز وعبر فيها عن
((رؤية كونية مطلقة وشاملة للوجود والحياة والأخلاق )) بنص سماوي جعله
معجزاً للأولين والآخرين في أسلوبه ومضا مينة فلم تعرف لغة في العالم تحدى
الله بها العقل البشري غير لغة القرآن ثم انه بعد ان صانها ذاتيا وحد عرب
الجزيرة عليها فنقلها من لهجة قوم إلى لغة أقوام ثم إلى لغة قومية بالفتح
الذي عم بلاد العرب التي كانت شعوبها ثنائية النطق كالعراق سوريا وشمال
إفريقيا واليمن فلكل من هذه الأقطار اكثر من لغة تخاطب بحسب الظروف التي
كانت تمر بها ثم عمها على كل مسلم مهما كانت لغته قبل إيمانه فأصبحت
للمسلم لغتان لغة قومه ، ولغة دينه ،لأن الله تعالى تعبد الناس بتلاوته
لذلك ورد في تعريف القرآن انه (المتعبد بتلاوته) وأصبحت العربية مرجعاً
معياريا لفهم القرآن فوحد بذلك الأمم كلها على لغة واحدة هي لغة التحادث
اليومي وهي نفسها لغة الأداء الفني آلتي تختلف باختلاف الأغراض حينما يعبر
عنها بلغة غير العرب وبذلك حفظ للعرب والمسلمين التواصل المعرفي لأجيالهم
المتعاقبة وجعلهم يقرءون معارفهم بلغة واحده بخلاف ما هو سائد عند الأمم
التي تحتاج لمعارفها القديمة ترجمة من اللغة التي أديت بها كاللاتينية
ومن الناحية الفنية فأن لغة العرب هي أطوع للايجازمن لغات الأمم بشهادة
ابن جني عن أشياخه مثل أبى على الفارسي وغيره من أهل اللغات الأخرى
فتواتر الإجماع على ان القرآن جعلها الأوسع في ألفاظها والأكثر سعة في
دلالاتها لتوسعها في المجاز والاشتقاق والتوليد حتى لقد اعجز الله بها كل
الناس ومعهم الجن وحولها من لغة قوم (قبيلة) إلى لغة عالمية ولم يكن من
الممكن ان تكون كذاك لولا (( إمكاناتها الذاتية)) في المرونة والتوسع
لاستيعاب الآفاق الفكرية والعلمية المتجددة للمفهومات المعقدة للحضارة
والعلم والفكر الإنساني وتنظيرات التأويل الذي مورس بتوسع في ثقافة النص
أعنى به ( التفسير / والفقه / والكلام / وفكر التصوف .... الخ) وربما يكمن
وراء رأى ابن فارس ان تطورها الذي قصره على السماع فقط لتصوره الذاتي ان
لها الإمكان الذاتىلأستيعاب المعرفة الانسانيه أي من وقت النزول ، بينما
ذهب ابن جنى إلى انها تقبل القياس لمرونتها الذاتية من ذلك كله نتوصل : إلى
ان اللغة العربية ــ كانت لغة محكمة (بالقوة) لا( بالفعل) نشطها النص
القرآني فاضاف لها خصائص الإحكام التفصيل والنطاق الأوسع أعطاها خصائص
القوة التي تجلت بهاولاجل خصائصها الرقيعة نطق بها العرب وغير العرب سواء
كانوا مسلمين أو غير مسلمين . والمسلمون أحق ان ينطقوا بها وذلك لخصيصة
فكرية فلسفية اخرى سيرد تفصيلها
المبحث الثاني
ارتباط الفهم العقائدي والتشريعي في القرآن باتقان اللغة العربية
من
المعلوم : ان القرآن يحمل في مضامينه رؤية كونية شاملة ( للوجود :
العقيدة) ونظاماً عميقا للتشريع (( الفقه والمنظومة الحقوقية)) ونظرية
شمولية في علم الأخلاق والمنهج ولما عبر عن ذلك كله بلغة العرب فصار فهم
هذه ا للغة شرطا في فهم العقيدة والتشريع الإسلامي ، ولما كان الإسلام
خطابا عالميا لكل الأمم فان كل من يجب عليه فهم المضامين الفكرية القرآنية
يجب عليه ان يتعلم و يفهم العربية فلقد اخرج البيهقي من حديث أبي هريرة
مرفوعا (أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه)(28) والمراد بأعرابه معرفة معاني
ألفاظه وليس ما يقابل اللحن ، لأنه قراءة القرآن مع فقد القدرة على الإحاطة
بمعانيها ليست قراءة (29) ومعرفة هذا الفن ضروري لمن يتطلع إلى فهم النص
قال
الزركشي في البرهان ( يحتاج الكاشف من معنى النص إلى معرفة علم اللغة
)(30) ولعل ذلك حدث قديما في سؤالات نافع بن الأزرق لعبد الله بن عباس (31)
لذلك دعا هذا علماء اللغة إلى ان المجتهد في النص يلزم ان يكون على جانب
كبير من أتضلع في قواعدها وفروعها ) (32) ويرى ابن جني ان كثيرا ممن زاغ من
أهل الشريعة عن القصد فلضعفه في هذه اللغة(33) لذلك ارتكزت مضامين علم
الأصول (( على العربية ومباحث الألفاظ ))(34) وليس معنى هذا ان يكون
النسب إنما يلزم ان يكون متضلعا بدقائق لغة العرب ولو كان من غيرهم (35)
لذلك
عاب الغزالي على أبي حنيفة انه كان لا يعرف اللغة (36) وقيل عن الشافعي ان
كلامه في اللغة حجة (37) فارتباط الفهم يتمثل في العلاقة المعجمية ،
والصرفية ، والنحو ، والبلاغة ، والمصطلح ولقد عزا العلماء قدرة محمد بن
الحسن الشيباني العالية فى الفقه إلي تمكنه في النحو العربي(38) وينجلي ذلك
بالمناظرة بين أبي يوسف والكسائي (39) ، ولقد نثر الغزالي في الوجيز ،
والنووي في الروضة والمجموع ، والزنجاني في كتابه تخريج الفروع على الأصول
الكثير من مسائل الشريعة بمقتضى القواعد النحوية ونجد ذلك بتوسع في كتاب
(( الجامع الكبير)) لمحمد بن الحسن الشيبانى .من ذلك نستنتج ان ــ أحد
أسرار انتشار العربية في أوساط النخبة لكي يفهم القرآن بمضامينه العقدية
والتشريعية فهم العربية وتعلمها أما على مستوى العامة فلأن طلب العلم
فريضة على كل مسلم فيلزم كل مسلم ان يتعلم العربية ولما كان المسلمون
عربا وغير عرب فقد تطورت جهود العلماء في تقنيين اللغة ووضع القواعد لها
لكي تتحول من سليقة تخص العرب إلى صناعة لهم ولغيرهم ويتمكن منهاالعربي
وغيرالعربي بامتلاك ناصية قوانينها. ا
المبحث الثالث
تــــطـــور تقنـــــين اللــــــــغة
لقد بات واضحا ان أول تدوين للمعرفة بدأ فيما بعد عصر النزول القرآني في
تدوين القرآن (عصر الرسول (ص) ، ثم كتبت السنة كتابات متفرقة فى عصر
الصحابة حتى صار التدوين الرسمي على رأس المائة الثانية 99 - 101 هـ ، ثم
بدأ التدوين العام في منتصف القرن الثاني ، وقد حدده البعض ب(143هـ) وتطور
على رأس المائة الثالثة 200 هج حيث ظهر كتاب( ألام) للشافعي (204هـ) و
ظهرت الأصول الأربعمائة لتلاميذ الإمام الصادق (ع) (ت 148 هــ) إلى عصر
الإمام الرضا (203 هـ). وتداخل هذا التدوين مع تدوين قواعد اللغة على يد
الخليل (ت 175 هـ ) وسيبويه (184 هـ) والفراء وأبو عبيده والكسائي ... الخ
فصارت علوم اللغة قيد التدوين في (مجالات أصول اللغة، والنحو، والعروض،
وغريب القرآن، والقراءات وغريب الحديث وشروحه ..) وكل هذه العلوم لأجل
إيضاح النص القرآني . فالبحث في المفردات لأجل إيضاح معاني مفردات النص
القرآني ، والبحث في النحو لفهم التراكيب القرآنية ، وجمعت السنة النبوية
ووضعت لها شروطها لأنها مفسرة للنص القرآني وتطور الأمر حتى جاء عصر
البلاغة لإيضاح الإعجاز القرآني، حتى لقد تشكلت قواعد نقد النص من خلال
جهود دارسي الإعجاز في إيضاح أسرار جمال العبارة القرآنية(40) لذلك فان
ثقافة العرب الأساسية كانت حول النص القرآني كشفا وتبيانا لذلك فان المثقف
المسلم يلزمه لكي يفهم المتن الذي تدور حوله الشروح التي تحولت إلى علوم
مستقلة أن يفهم القران ولأجل ذلك لابد ان يتقن العربية وحيث ان المسلمين
عربا وغير عرب فلزم ان يعمم القرآن اللغة العربية على غير الناطقين بها
أصلا للوصول إلى معرفة مضامينه وأسراره وإعجازه.
المبحث الرابع
علاقة اللغة العربية بالأمم المسلمة (غير العربية)
لقد
تقدم انه لما كانت اللغة العربية وعاء القرآن، وكان القرآن (نص العقيدة)
فلكي تفهم العقيدة لابد من إتقان اللغة، وعلومها. ففي مجال العقيدة فان
نظرية التوحيد الإسلامية وتنزيه الخالق وأفعال الله وطبيعة الفعل ألا نساني
ومفاهيم الحرية، والعمل، والحق ،لا تفهم ألا من خلال ضبط دلالة ألفاظ
القرآن. كما لا تفهم حقائق التشريع إلا بفهم اللغة، ولذلك قدم اغلب ان لم
نقل كل علماء أصول الفقه (النظرية المنهجية الإسلامية لإنتاج المعرفة
القانونية الإسلامية) لكتبهم مباحث تسمى (مباحث الالفاظ). و حري ان تدرس
نظريتهم الدلالية وتتجلى طبيعة توظيف الدلالة اللغوية لإنتاج الحكم الشرعي.
ولعل:
الدعاء- وهو الوسيلة النفسية للتحاور مع الحضرة الإلهية المقدسة يكون ابلغ
في العربية منه في اللغات الأخرى. وان فهم القرآن المقتضي فهم العربية ،
لا يمكن ان يعوض بالدعوة إلى ترجمة القرآن إلى اللغات الأخرى فمن المفيد
القول ان هناك خمس وثلاثين محاولة لترجمة القرآن إلى لغات بعددها لم تؤد
الغرض ذاك ، وقد طبعت ترجمة جورج سيل أربعا وثلاثين مرة وقع أكثرها في
أخطاء فاحشة (41) وأول من عرض فكرة ترجمة القرآن المطران يعقوب بن الصليبي
حينما ترجم بعض الآيات إلي السريانية في القرن الثاني عشر الميلادي ،أما
ترجمة النص القرآني فيما يرى الرزقاني فإنها مستحيلة عادة (عدم إمكان
وقوعها) وقد ترتب عليه حرمتها شرعا لعدم قدرة الترجمة على الوفاء بجميع
معاني القرآن الأولية والثانوية، وإلا لسقطت مقولة الإعجاز ولأنه في
المقولات التابعة لأنها مدلوله ثانوية للألفاظ، ولا يتعبد بتلاوة الترجمة
لأنها غير القرآن، و لقوله تعالى (فأتوا بسورة من مثله) والترجمة مثل
فالترجمة مبطلة للإعجاز، وإذا كانت المعجزة قد حقت على الإنس والجن، فقد
حقت في اللغات الأخرى وكل ما هو مستحيل عادة، ممنوع شرعا .
ويرى
الزرقاني ان الترجمة تذهب بمقوم كبير من مقومات وجود المسلمين لاستغنائهم
عن لغة الأصل وعلومها وآدابها وهي رباط قوي فلأجله يدرسون علوم لغته
العربية (42)
* جاء في الرسالة للشافعي انه يجب على غير
العرب ان يكونوا تابعين للسان العربي وهو لسان رسول الله جميعا كما يجب ان
يكونوا تابعين له دينا ثم يقول: (فعلى كل مسلم ان يتعلم من لسان العرب ما
بلغه جهده متى شهد ان لا اله إلا الله وان محمدا عبده ورسوله ويتلو كتاب
الله وينطق بالذكر فيما افترض عليه من التكبير أمر به من التسبيح والتشهد).
ولان الترجمة أشبهت رواية القرآن بالمعنى وهي ممنوعة شرعا بالإجماع لكونه
قد أوحى بلفظه ومعناه فالترجمة ممنوعة شرعا، واستدل أيضا بان القرآن علم
رباني قصد الله ألفاظه وأساليبه دون سواها ليتعبد بتلاوته عباده، فالترجمة
تذهب بمقاصده وكل ما يذهب بمقاصده حرام بينما يرى المجوزون للترجمة: ان فهم
معانيه واجب، وحيث لا يتم لغير العرب فما لا يتم الواجب إلا به (الترجمة)
فهو واجب لأنه لا يكلف الله نفسا إلا وسعها يرد ذلك: بجواز ترجمة تفسيره
لان ترجمة التفسير تجزئ لتحقيق المطلوب والقول بوجوب الترجمة يتعارض مع قصد
ألفاظه ووجيها والتعبد بتلاوته، وان الرسول وان دعا غير العرب لـه وبه
فأنه (ص) لم يمارس دعوته بالترجمة مع قدرته عليها، فقد كاتب ملوك الأرض
بالعربية.ولم يفكر أصحابه - من غير العرب - في ترجمته ولو فعلوه لنقل بل
لتواتر وتكاد كلمة العلماء تجمع على منع قراءة ترجمة القرآن في صلاة أو
غيرها إلا عن بعض النقل عن الحنفية وفيما يأتي 0عرض سريع لأقوال الفقهاء
لابرزالمذاهب :
الشافعية: قال فى المجموع شرح المهذب [لا
تجوز قراءة القرآن بغير لسان العرب سواء امكنته العربية أم عجز عنها، في
صلاة أم في غيرها، والصلاة بها باطلة، وهو مذهب الأمامية ومالك واحمد وأبو
داود]، ومثله في حاشية ألد سوقي على شرح الدر دير،و قيل لا تجوز تكبيرة
الإحرام بغير العربية فان عجز عنها أأتم بمن يحسنها بالعربية فان أمكنه
الإتمام ولم يأتم بطلت صلاته، وان لم يجد أما ما سقطت عنه وجوب قراءة
الفاتحة.ولم تسقط تكبيرة الإحرام بالعربية وقالوا على كل مسلم مكلف ان
يتعلم الفاتحة بالعربية ويبذل وسعه في ذلك ويجهد نفسه في تعلمها وما زاد
عليها إلا ان يحول الموت دون ذلك وهو بحال الاجتهاد فيعذر.
وقال
مالك / اكره ان يدعو الإنسان بالأعجمية في الصلاة (القنوت) وجاء في
المغني: ( من لم يحسن العربية لزمه التعلم فان لم يفعل مع القدرة لم تصح
صلاته.)
أما الحنفية: فقد ذكروا في كتبهم ان أبا حنيفة كان
يقول: (إذا قرأ المصلي بغير العربية مع قدرته عليها اكتفى بتلك القراءة).
ثم رجع عن فتواه فقال: (متى كان قادرا ففرضه قراءة النظم العربي، ولو قرأها
بغيره فسدت صلاته لخلوها من القراءة مع قدرته عليها).يقول الزرقاني:
(ورواية الرجوع تعزى إلى أقطاب المذهب ومنهم نوح بن مريم وعلي بن الجعد
وأبو بكر إبرازي).
أما الأمامية: فقد قال في مفتاح
الكرامة: (لو أخلَّ بحرف كإسقاط همزة لفظ الجلالة للوصول لا يصح لأنها همزة
قطع، فلا يخرج اللفظ عن اصله المعهود شرعا ولو كبر بغير العربية اختيارا
تبطل عن علمائنا)(43).وفي القراءة لو أخل في الرفع والنصب والجر والجزم
والسكون والضم والفتح بطلت إجماعا ثم قال ( والبطلان بترك الإعراب هو
الأقوى ومثله في ترك المد المتصل والإدغام الصغير )(44)، وقال: [لا خلاف في
وجوب إخراج الحروف من مخارجها لأنه إخلال بحقيقة تلك الحروف والذي هو
إخلال بماهية القراءة] ولا تجزي الترجمة مع إمكان التعلم وسعة الوقت لان في
الترجمة فوات للإعجاز إذ نظم القرآن معجز وهو الغرض الأقصى(45).
وفي
مجال القراءات القرآنية اشترط لها موا فقة أهل النحو أو ألا قيس عندهم أو
الأشهر أو ألا فشا في اللغة(4) وليس العمل على الأثبت في الأثر والأصح في
النقل وعلى الرغم من اختيار علماء الاماميةرجحان القراءة الموافقة للاقيس
والأشهر ألا أن فى أصولهم موقفا من القراءات .
فرأي
الأمامية: على الرغم من ان المشهور عندهم نزول القرآن على حرف واحد، إلا
انهم يجوزون القراءة بما بتداوله القراء رخصة شرط توافقها مع العربية
أما
الترتيل: فليس إلا وسيلة لإخراج الحرف من مخرجه الحقيقي وإشباع الحركات
وقيل بتبيين الحروف بصفاتها المعتبرة من الهمس والجهد والاستعلاء والإطباق
والغنة والوقف.
وقد روى عن علي (ع) انه قال(بينه تبيانا،
ولا تنثره نثر ألد قل ولا تهذه هذ الشعر، قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب
ولا يكن هم أحدكم آخر السورة(46)، أفتى المجلسي الكبير بان الترتيل واجب
مما
تقدم يظهر ان الأمامية على الرغم من انهم يرون ان للقران قراءة واحدة هي
آلتي ابلغها جبريل لسيدنا محمد (ص) إلا انهم سوغوا رخصة ان يقرأ المكلف كما
يقرأ الناس شرط توافق القراءة مع العربية وجعلوا تجويد القرآن من
المستحبات لتطبيق الخصائص ا.لصوتيه للغة أل عربيه
المبحث الخامس:
اثر اللغة العربية باللغات الأخرى حتى القرون المتأخرة
اللغات:
تكوينات اجتماعية تتأثر وتؤثر فليس من النقص المعيب ان تأخذ لغة ما من
اللغات الأخرى مفردة أو اسلوبا طالما وافق ذلك قوانين اللغة الآخذة، ووافق
منطق تلك اللغة وقد رصد الباحثون: اثر اللغة العربية في عدة لغات منها:
1-
اللغة ألأسبانية: وقد نقل ان أثرها كان كبيرا قياسا إلى غيرها من اللغات
ولم يقتصر كما يقول بعض الباحثين التأثير في الإسبانية على المفردات إنما
امتد إلي الجوانب الصوتية والصرفية.
فعلى مستوى المشهد
اللغوي فان اكثر من سبعة عشر بالمائة من مفردات الإسبانية من العربية ففي
(اللاتينية الفصحى) ألفاظا من قبيل القطن والزيت والزيتون وأصوات كالخاء،
والثاء فالأسبانية هي الوحيدة التي فيها هذان الحرفان مما انشطر من اللغات
اللاتينية، وفي مفرداتها أل التعريف في كثير من كلماتها (47)، وعلى الرغم
من انحسار اللغة العربية عن أسبانيا فقد ظل تراثها مقيما ومؤثرا في
اللغةالإسبانية فلقد ألف المستشرقان انجلمان ودوزي معجما عنوان(معجم
المفردات الإسبانية والبرتغالية المشتقة من العربية)(48).كما تأثر الأدب
الأسباني بآداب اللغة العربية فقد قال الأدب خوان اندريس (إنما نشأ الشعر
الأسباني أول آمره تقليدا لشعر العرب)(49). وان القافية في الشعر الأسباني
مأخوذة من شعر العرب فقد قال منفدث بيلايو (ينبغي ان نسلم بانه منذ القرن
الرابع عشر على الأقل ان هناك تأثيرا عميقا للموسيقى العربية بين الاسبان).
2-
اللغات الأخرى : لقد تربعت لغة القرآن على عقول وضمائر الناطقين
بالسريانية والفارسية في العراق وكذلك الناطقين بالرومية والسريانية في
بلاد الشام وحلت محل القبطية والرومية في مصر. ولقد قال المستشرق ارنست
رينان (ان انتشار العربية ليعد اغرب ما وقع في تاريخ البشر ... فلقد عمت
اللغة العربية أجزاء كبرى من العالم). وقد يلاحظ عيانا اكتناز الفارسية
بمئات المفردات العربية وكذلك الطورانية (تركيا) ومن ذلك كله يتضح ان
اللغة العربية لم تكن في حالة اجتياح للغات الأمم المسلمة، ولا كانت في وضع
صراع لغوي معها كما هوحال التركية والفرنسية فى التتريك والفرنسه في أواخر
القرن التاسع عشر وأوائل العشرين، إنما استعذب المسلمون لنطق بالعربية
فاتخذوها لغة تخاطب بعد ان فازت بمكانة وموقع لغة الأدب والحضارة والفكر.
مع كل ما تعرضت هذه اللغة من العدوان والاكتساح ولم توفق تلك المحاولات فى
الحا ق.الأذى بالعربية على العكس من السياسة اللغوية العربية الإسلامية
التي لم تكره الأمم على لسانها بل تركت لهم الحرية في استخدامهم للغتهم،
فلقد دخلت عقولهم وتخاطبهم قبل ان تصل جيوش المسلمين لنشر الإسلام بالحق
فانتشرت اللغة بالدعوة السلمية أولا لذلك قال غوستاف لوبون (بفضل تجار
المسلمين دخل ألوف الأفارقة في الإسلام)(50) فبالتجارة وصلت العربية إلى
أقصى الصين وبلاد المغول (51) بل ان الوجود الدولي العربي فعل فعلاً لغويا
قبل الفعل العسكري . يقول أحد المؤرخين ان عقبة بن نافع توقف عن الفتح
وعلّم أبناء (برقة : ليبيا) اللغة العربية أدام بمن تعلمها الفتح غربا حتى
سواحل المحيط الأطلسي ولقد غدت في الشرق عواصم فارس وخرا سان مراكز لانتشار
العربية فألف العلماء كتبهم في ا لعربية مع احتفاظهم بلغتهم المحلية (52)
لقد تزين مسجد كانتون في الصين بالخطوط العربية ولعل الفرس اقدم الأمم
التي تسربت إليها الألفباء العربية فقد كتب الفرس الفهلوية بألف باء عربية
أسموها الفارسية الدرية (الحديثة) (53) وقيل: ان في الفارسية عدة آلاف
(لفظة عربية) أضافوا أتليها عدة حروف لم تكن في لغتهم (54) ودخلت إلى
السند ( الباكستان حاليا ) حين دخلوا الإسلام فكان المزيج هو (الأوردو)
وذلك ان جيوش ملوك الهند كانت تضم جموعا من العرب و كانت أفكارهم تكتب
بالحرف العربي وحصل ذلك للمغول حتى ان هولاكو كتب بها (55) ان العالم يشهد
ان شعوب الملايو والأفغان وسيام والفلبين والأكراد والبلوش وسيلان
وماليزيا يتكلمون العربية حتى القرن الثامن عشر (56) وأسسوا فيها مدارس
لتعلم العربية ولقد كتبت شعوب الصرب بألف باء العربية ودخلت لغاتهم
المحلية مفردات عربية كثيرة ما زالت بقاياها في لغاتهم ودخلت العربية جنوب
إيطاليا وصقلية وقبرص ولعل الإمبراطور فردريك الثاني في صقلية الذي أسس
جامعة نابولي 1244 م قد ظهر اهتمامه بالعربية مما يعد خير دليل على
انتشارها فقد أمر بنقل روائع التراث الإسلامي إلى القشتالية (57) ويقال ان
(3000) كلمة عربية في اللغة البرتغالية (58) وفي الفرنسية اكثر من ( 1000 )
لفظة كما يقول الامانس (59) وان ربع الإسبانية عربي (60) .ويذكر التو نجي :
ان للبربر في شمالي إفريقيا فضلاً في نقل العربية و الحرف العربي إلى
أفريقيا فدورهم في ذلك يشبه دور الفرس في المشرق وكذلك الحال قبائل
السنغال وزعيمهم ابن ياسين فقد كانوا السبب في ظهور ممالك إسلامية مثل
مملكة مالي (61) يقول ارنولد ( على امتداد ألف ميل ساحل غينيا من دكار إلى
لاغوس يندر ان تجد مدينة ليس فيها مسجد ) يتعلم الناس فيه العربية لذلك
انتشرت في النيجر وسيراليون و ليبريا و ساحل العاج و نيجيريا فكثير من
مواطني هذه الأصقاع يتكلمون العربية إلى جانب لغاتهم الأصلية (62) حتى ان
العربية أضحت لغة التخاطب بين قبائل نصف القار السوداء (63) بفضل مدارس
القرآن وان بعض اللغات الإفريقية كتبت بالحرف العربي كالفلا والحوصه (64)
لقد كتبت هذه اللغات بالألفباء المغربية ــ وقد كانت في البدء بالخط
الكوفي وقد سمي بالقيرواني ثم دعي بالخط المغربي نقلته قبائل البربر إلى
قلب إفريقيا مع تغيير طفيف فيه .مما تقدم يظهر ان الإشعاع اللغوي العربي
قد عم وسط الأرض من جنوب أوربا وجنوب الصين إلى جنوب آسيا وتوغل فى
إفريقيا حتى سواحلها الجنوبية وقد امتد سناؤه تلك الأرجاء فأحبت اللغة
العربيه تلك الشعوب وتعلمتها وكتبت بها بعض علومها واتضح ذلك فى تعاور
مفرداتها وأصواتها ورسم حروفها على الرغم من النزعات المعادية للعرب
والإسلام فى تلك البقاع
المبحث السادس :
محـاولات تحجـــــيم العربــــــية
لقد
شهدت الثقافة اللغوية أحداثا عظيمة فبعد القرن الخامس الهجري تم إيقاف
الاجتهاد وغلقه في الفكر والثقافة العربية الإسلامية فالاعتقاد المتين ان
فتوى ابن الصلاح لم تقف فى تأثيرها عند نطاق الفقه إنما تعدته إلى عموم
الفكر والثقافة مما فتح الباب لجمود الإبداعات في المجالات كافة والمجال
اللغوي خاصة ثم تلته سقوط الخلافة العباسية 656 هـ ثم الحروب الصليبية ثم
سقوط الأندلس ونشوء ظاهرة الاستعمار الغربي للعالم ثم الحرب العالمية
الثانية وظهور حركات التحرر الوطني ( المغتر به ) وما يسمى باليقظة
القومية وتقهقر الشعور الديني .ان هذه الأحداث قد تخللها عداء شديد للقرآن
وقد قامت جمعيات ورباطات وزوايا وتكايا لتعليم القران والعربية فاضطهدت
تلك الحركات الإسلامية قبل ان تنمو وخلال نموها ومن أهم الوسائل تلك الحرب
طمس العربية والنيل منها لقد أعطى ( وقف الاجتهاد ) لجبهة الكفر العالمي
اثمن فرصة للانقضاض على الثقافة المكتوبة بالعربية .
ولقد
كانت قناعة تلك الموجات مستقرة على ان تهوين شأن العربية هو اكبر وسيلة
لتهوين عقيدة الإسلام فكما كانت العقيدة طريقا إلى نشر العربية كان تدمير
العربية طريقا إلى هدم تأثير الإسلام في النفوس ان وحدة الفكر والاعتقاد
بين مسلمي العالم لايتم ألا بوحدة اللغة فتفكيك اللغة وسيلة لتفكيك كتلة
مسلمي العالم المتراصة فالتحديات اللغوية تقطع الجذور والفروع على السواء
فالقرآن كما كان خطاب السماء الأزلي الشمولي فهو كتاب العربية الأكبر لأن
إعجاز القرآن كان في بعض معانيها جوهر تفوق العربية ولذلك فقد أثيرت أمام
اللغة عدة محاولات للتحجيم ومنها:
1) اتهام العربية انها لغة الدين وليست لغة الحياة
2) وإنها لغة الماضي وليست لغة الحاضر والمستقبل
3) وإنها لغة الأدب وليست لغة العلم والحضارة
والتهمة
الأولى قائمة على أساس نظرية فصل الحياة عن الدين كما هو حال المسيحية فان
الواقع الإسلامي لم يشهد ازدواجية لغوية بين التعبير عن العقيدة والتعبير
عن الحياة أما الثانية فقد نقلوها من واقع لغاتهم حيث كان ماضيهم متصلا
باليونانية ثم باللاتينية وبعد الفصل بين الدولة والكنيسة اعتمدت اللغات
التي انشطرت عن اللاتينية واستقلت عنها في وجودها اللغوي فخيل اليهم ان ذلك
شأن العربية أيضا وقاسوا العربية على اللاتينية وبالرغم من تكذيب الواقع
لهذا الاعتقاد فلا زالت روح الانتقام تدفعهم للتمسك بهذه الخرافة
أما
كون العربية لغة الأدب وليست لغة العلم فان انتقال العلم والحضارة لهم عن
طريق إيطاليا وصقلية لم يكن ألا بالعربية فبها عرفوا تراثهم عن ماضيهم
البعيد باليونانية التي ترجم ما فيها بالعربية ونقلت إليهم مترجمة إلى
اللاتينية وما انشطر عنها . فكيف تتسع العربية لهذا العمق الحضاري ولا
نستطيع ان تتابع المسيرة فلقد كانت اللغة التي كتب فيها الطب والفلسفة
والفلك والهندسة . فمن قبيل المغالطة إزاء هذا الواقع التاريخي ان العربية
حفظت ذلك التراث العلمي وهي الآن عاجزة عن استيعاب العلم والحضارة
المعاصرة وعلى الرغم من بطلان هذه المفتريات فانهم حاربوا مراكز تعليم
العربية في المساجد والزوايا وحاربوا أصحابها أقاموا أنظمة التعليم على
أساس إعطاء هذه الاتهامات شكلها العملي فاحتمت العربية بحصونها ، الحوزات
والتكايا والكتاتيب ، فلا هي حية فترجى ولا ميتة فترثى لتبقى في وجودها
الضعيف ليكون هذا الوجود حجة لما يقولون وشاهداً له ولم يتم لهم ما أرادوا
فاليوم هي لغة الدين والحياة والحاضر والمستقبل والأدب والعلم والفن وبها
كتب الانفجار المعرفي وقد قيض لها من ينشرها ويعيد إليها مجدها
ثم
جاءت الحلقة الثانية : التي تركزت على مهاجمة الحرف العربي الذي كتبت
العربية به والكثير من لغات البشر فاتهموه بالصعوبة وانه يلي عملية
الفهم فبالعربية نفهم أولا ثم نقرأ والوضع الطبيعي إننا نقرأ لكي نفهم
والحال ان أمر العربية ينطلق من ان القراءة والفهم يتولدان في لحظة واحدة
وحيث ان لكل لغة طبيعتها وحركتها ولا يحمل منطق لغة أخرى . لقد كانت
الحروف الساكتة (مسوغاً) للدعوة للحرف اللاتيني لما في هذه الدعوة من خطورة
لا حدود لقياس أضرارها فسخر الغرب لهذه الدعوة كل قواه تحت ستار الإصلاح
اللغوي ووضعت لاستبدال الحرف العربي باللاتيني القواعد والأسس وا لحال ان
هذه المحاولة لو تركت للجن لاحتاجت إلى عقود ثم لا ينتهي إلى حل ومع ذلك
فعل مصطفى اتاتورك ذلك في اجتماع مع وزير تربيته فاصدر قراره وطبق الآمر في
صباح اليوم التالي في تركيا ولم تنجح هذه المحاولة في أي قطر إسلامي آخر
رغم ما بذل لأجلها من جهود ومحاولات تقليداً لمصطفى اتاتورك ولما فشلت هذه
المحاولة دعوا إلى قراءة العربية بالتسكين وإلغاء الإعراب ناسين ان في ذلك
قفزاً على القيم المتأصلة النفسية والاجتماعية والتاريخية التي مورس بها
النطق بحروف هذه اللغة وكذلك القيم الجمالية للنص العربي والمثل الهائلة
للذوق اللغوي العربي الرفيع . ومن تلك المحاولات الدعوة لكتابة الحرف
العربي بشكل واحد أما إملاء الحرف العربي : فقد أثاروا عليه قضية الهمزة
زيادة وإنقاص بعض حروف الرسم العربي مثل (هذا) و (لكن)ونسوا ان لكل لغة
في إملائها صعوبات وكأنهم قد غابت عنهم آلاف الحروف ومئات الكلمات في
الإنجليزية والفرنسية التي تكتب ولا تقرأ أو تقرأ ولا تكتب ولكنها لغة
الأقوياء (المعتدين) وعيون المستضعفين لكثرة مشاكلهم لا تبصر عيوب الأقوياء
المعتدين . :ثم هوجمت قواعد اللغة أنكروا على النحو العربي تعريفاته
ودعوا إلى إلغاء الإعراب بحجة وضوح المعنى على حين ان الإعراب في جوهره
إنما قام فلرعاية المعنى وإذا كان النحو هو عاصم اللغة فلجئوا إلى هذا
العاصم ليهدموه مستفيدين من ان النفس البشرية تستريح للإفلات من القيود
ولو رفض الإعراب لضاع القدر المشترك من تفاهم الناس وأخيرا دعوا إلى
العامية وقد كتب بالعامية عدد من الناس القصة والمسرح والرواية والشعر ولم
يلتفتوا إلى ان لكل قطر عربي عاميته بل ان عندنا عاميات لا تحصى كل ذلك
لإزاحة الفصحى من الوجود فكريا ولم يكتب لهذه المحاولات كلها النجاح ولقد
باءت كلها بالفشل لمناعة وتمكن العربية من النفوس ودور القرآن الكريم فى
تحصينها ولم تقف المحاولات تلك - بعد فشلها - فصدر مشروع فورد عن العربية
الأساسية ومشروع الرصيد اللغوي الوظيفي لدول المغرب العربي
ان
ابرز ما يشار إليه من (قصورنا) ان ألا لسنيات الحديثة ترجمت ولم تعرب فعلم
الأصوات الحديث لم يربط بعلم التجويد فسيق منقطع الصلة بالتراث ومن مجمل
ترجمات الأفكار الحديثة في اللسانيات يظهر للباحث انها ستصبح عبئاً على
العربية لأنها لا تراعي ظروفها وخصوصيتها فهي بحاجة إلى حركة علمية بارعة
لتتواءم مع العربية والانتباه إلى ان فىاللسانيات نظرات و آراء فرضت
فرضاً تعسفياً إننا - كمسلمين- مكلفين بالدعوة -
ولا تقوم الدعوة إلى الحق ألا بالعربية الأصيلة لذلك أطالب هنا ان يكون الجديد سبيلناً
المبحث السابع
المسؤوليةالعلمية للجامعات العربية والإسلامية
بعد
أدراك خطورة الصراع اللغوي المعاصروالمحاولأت التي يراد منها هدم الوجود
اللغوي القرآني فان الذي أجده ضروريا على مستوى أمة العرب
1)
إعادة دراسة التمكين اللغوي لتلاميذ المدرسة الابتدائية وقياس محصلاته
بدالة إحصائية للتأكد من ان التأهيل اللغوي الأساسي بمستوى- مطلوب منه لفهم
النص القرآني واعتماد القرآن الكريم أداة للضبط الصوتي والإعرابي والفهم
البلاغي والسياقي للنص العربي وبحسب الاستعداد العمري لتلميذ المرحلة
الابتدائية .
3) متابعة هذا القياس في مرحلة الثانوية
واعتبار العربية وسيلة التعبير عن المعرفة كافة فإذا اخفق الطالب فيها
اخفق في تحصيل المعرفة كافة .
4) ترصين الأقسام التخصصية لتدريس العربية وتعميق التطبيق .وجعله مقياس التحصيل إذ التنظير والقواعد ليست إلا وسيلة للتطبيق .
5)
عدم الفصل بين العربية والقران الكريم والحد يث النبوي الشريف ودمج أقسام
اللغة العربية بأقسام الإسلاميات واعتماد طرائق المفسرين فى بيان النص
والكشف عن دلالته ومنهج الأصوليين العرب المسلمين فى مباحث الدلالة وإعادة
دراستها وتطبيقها تطبيقا معاصرا
•6) إصلاح حال وسائل الإعلام وإلزامها بالعربية القرآنية
أما على مستوى أمم الإسلام من غير العرب
فاني
أود ان تلزم كل جامعة عربية بأداء دورها إزاء المسلمين من غير العرب
بتسهيل تعلمهم اللغة العربية سواء في بلدانهم على مجهودات ونفقة كل جامعة
أو تخصيص مقاعد وزمالات لهم لأخذ سنوات دراسية لتعليم العربية لغير
الناطقين بها .
وختاماً : أقول دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين
عبد الأمير كاظم زاهد جامعة كربلاء / كلية العلوم الاسلامية
1-الشعراء/193،194،195.
2-سورة يوسف /2
3-الرعد/37
4-فصلت /44
5-الزمر /28
6- فصلت /3
7-الأحقاف/12
8-السيوطي :المزهر ، 1/322
9-.الفارابي ، الألفاظ والحروف
10-إبراهيم أنيس ، اللهجات العربية /117انظرالبحرالمحيط1/112
11-ابن جني ، الخصائص 2/77 ظ- إبراهيم أنيس ، اللهجات العربية / 117، ظ البحر المحيط 1/121،
12- ابن جني : الخصائص 2/77
13-الإسراء /10
14- ا لنساء /85
15-السيوطي :الإتقان 2/ 105
16-المصدر نفسه:2/105
17-الشافعي :الرسالــة ص 11
18-آبو عبيدة : مجاز القران / 66
19- ابن فارس : الصاحبي / 87
20 - الإتقان 2/ 105
21-ظ رأي عزيزي بن عبد الملك : في الإتقان 2/ 106
22-سورة إبراهيم/4
23-السيوطي الأ تقان 2/106
24-م .ن 2/108، ينظر الجوا ليقي وآثاره في اللغة 160-162 والمعرب للجواليقي ص 11
25 -السيوطي : الإتقان 2/119 ظ عبد المنعم احمد صالح : المعرب في القران ص 413
26- رواه البخاري ومسـلم ، عن ابن عباس
27-الكليني : الكافي 3/ 229
28-ابن حجر العسقلا ني : فتح الباري 10 /21
29-الإتقان / 2/108
30-البرهان : 1/291
31-الإتقان 2/56
32-الزمخشـري المفصل 1/8 بشرح ابن يعيش
33-ابن جني : الخصائص :3/ 245
34-الغزالي : المنخول 65 ظ شرح المفصل ؛ 1/ 11
35-السعدي : اثر الدلالة النحوية / 27
36-ظ المنخــول : 471 البيان والتبيين168
37-السيوطي : الاقتراح في علم أصول النحو ص 57
38-ابن يعيش : شرح المفصل : 1/14
39-الزبيدي : طبقات النحويين ص 127 ،ظ شرح المفصل ، 1/13
40-العزاوي العز أوي اللغوي عند العرب 175
41-الزرقاني : مناهل العرفان : 2/100-107
42- م. ن 2/ 115
43-ألعاملي : مفتاح الكرامة ، 2 /338
44-م .ن: 2 /355
45-م.ن: 2/ 391
46-القاضي النعمان : دعائم الإسلام /117
47-ظ محاضر المؤتمر الثاني للغة العربية / كلية التربية الكوفة بحث د. نافع محمود خلف ص 85
وبحث د. محمد هندي ص 74 ( اللغة العربية في عصر الامتزاج) و ( اثر اللغة العربية في الأسبانية)
48-م. ن. ص 74 ، 85
49 - أصول الأدب وتطوراته الراهنة 132
50-GUSTIVE-LEBON/PREM TERES...........ats.
51- محمد التو نجي ، ألفباء القران /108
52-م. ن. ص 108
53-م.ن. ص 108
54-م.ن. م108
55-م.ن. 108
56- ظ تاريخ الشعوب الإسلامية /261
57-الشدياق : الوساطة في أحوال مالطة /ص33
58-التو نجي : ألفباء القران / ص110
59-م.ن. ص110
60-م.ن. ص 110
61-النمراوي : الدعوة إلى الإسلام ص 656
62-التو نجي ألفباء القران ص 111
63-نعيم قداح : حضارة الإسلام ص 164
64-المصدر نفسه :11
المراجع والمصادر
القران الكريم
·ثانيا: المراجع العامة :
1-أنيس، إبراهيم:في اللهجات العربيه،طبع مصر، ط4-1973
2-بروكلمان،كارل: تاريخ الشعوب الأسلأميه،ترجمة عبد الحليم -بيروت1965
3-التو نجي ، محمد:ألفباء القرآن،بحث منشور في وقائع منظمة الموتمر الإسلامي (الأسلم والمستقبل) 1987
4-الجاحظ،عمر بن محبوب،البيان والتبيين، تحقيق حسن السند وبي، ط2 المطبعة الرحمانية /مصر 1932
5-ابن جني ، أبو الفتح بن عثمان ، الخصائص، تح: محمد علي النجار، دائرة الشؤون الثقافية/ بغداد1990
6-أبو حيان،محمد بن يوسف الأندلسي، البحر المحيط،مكتبة النصر الحديثة/الرياض ب ت طبع
7-خلف
، نافع محمود:اللغة العربية في عصر الامتزاج، بحث منشورة خلاصته في وقائع
مؤتمر اللغة العربية القطري الثاني/كلية التربية/ جامعة الكوفة2001 م
8--الزبيدي، محمد بن الحسن:طبقات النحويين واللغويين، تحقيق محمد ابو الفضل إبراهيم دار المعارف/ مصر ب ت طبع
9-الزرقاني ،محمد بن عبد العظيم:مناهل العرفان في علوم القرآن ن، دار إحياء التراث العربي/بيروت /ط3
10-الزركشي،محمد بن عبد الله، البرهان في علوم القرآن، مطبعة الحلبي/مصر 1376ه تحقيق محمد ابو الفضل إبراهيم
11-الزمخشري،جار الله محمود بن عمر ، المفصل في علوم العربية/بشرح ابن يعيش/ المطبعة الكبرى الأميرية/بولاق 1328هـ
12-السعدي، عبد القادر ، اختلاف الدلالة النحوية واللغوية في استنباط الأحكام ،مطبعة الخلود/ بغداد 1986
13-السيوطي ، جلال الدين عبد الرحمن: الإتقان في علوم القرآن ، تحقيق محمد ابو الفضل إبراهيم ، المكتب العصرية /بيروت 1987
14- السيوطي: الاقتراح في علم أصول النحو
15- الشافعي ، محمد بن إدريس ، الرسالة ، تحقيق احمد شاكر / الحلبي /مصر ط1 1940
16-ابن فارس ، احمد بن فارس بن زكريا، الصاحبي، مطبعة عيسى الحلبي/ القاهرة/ 1977
17-الشدياق،احمد بن فارس، الوساطة في أحوال مالطة ، مطبعة مصطفى محمد/ مصر 1965
18-شكري فيصل، التحدي اللغوي، بحث منشور في وقائع ندوة التحديات الحضارية والغزو الثقافي/ مكتب التربية العربية لدول الخليج / 1985
19-العاملي ، محمد جواد ، مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامـــة ' مطبعة الفجالة/ مصر/1920
20-ابوعبيدة ، معمر بن المثنى ،تحقيق محمد فؤاد سزكين، مطبعة السعادة/القاهـرة
21-العزاوي، نعمة رحيم ، النقد اللغوي عند العرب، الشؤون الثقافية / بغداد
22-الغزالي، محمد بن محمد ، المنخول من تعليقات الأصـول، تحقيق محمد حسن هيتو دمشق 1970
23- الفارابي: الألفاظ والحروف ، طبع عيسـى الحلبي / 1376 هـ
24-القاضي ، النعمان بن محمد التميمي ، دعائم الإسلام ، دار المعارف مصر1385هـ
25-الكليني، محمد بن يعقوب ، الكافي ، دار الكتب الإسلامية / طهران /1365
26-نعيم ، قداح : حضارة الأس لأم وحضارة أوربا في إفريقيا / الجزائر1975
27- جون ميلون ، ارنست ، الدعوة إلى الإسلام ، ترجمة حسين النمراوي وعابدين / طبع القاهرة 1956
28-هندي ، محمد ، اثر اللغة العربية في أسبانيا ، محاضر المؤتمر القطري الثاني كلية التربية / جامعة الكوفة 2001
29-ابن يعيش ، شرح المفصل ، بيروت عالم الكتب / بيروت
30- وافي ، علي عبد الواحد، فقه اللغة ، دار النهضة /مصـــر
أ.د عبد الأميـر كاظـم زاهـد