العلاج :
ولكي يكافح الإسلام البطالة دعا إلى الاحتراف ، أي إلى تعلّم الحِرَف ، كالتجارة
، والميكانيك ، والخياطة ، وصناعة الأقمشة ، والزراعة ، وإلى آخره من الحِرف .
فقد جاء في الحديث الشريف : ( إنَّ الله
يُحبُّ المحترف الأمين )
.
ولقد وجَّه القرآن الكريم الأنظار إلى العمل والإنتاج ، وطلب الرزق ، فقال :
( فَامْشُوافِيمَنَاكِبِهَاوَكُلُوامِنرِّزْقِهِوَإِلَيْهِالنُّشُورُ ) الملك 15
.
وقال أيضاً : ( فَإِذَاقُضِيَتِالصَّلَاةُفَانتَشِرُوافِيالْأَرْضِوَابْتَغُوامِنفَضْلِاللَّهِ) الجمعة 10 .
واعتبر الرسول الكريم ( صلى الله عليه وآله ) العمل كالجهاد في سبيل الله ، فقد
روي عنه ( صلى الله عليه وآله ) قوله : (
الكَادُّ عَلى
عِيَاله كالمُجاهد في
سَبيلِ الله ) .
وروي عن الإمام علي ( عليه السلام ) قوله : ( إنَّالأشياء لما
ازدَوَجَت،
ازدوَجَ الكسلُ والعجز،
فنتجَ بينهُما الفقر )
.
وفي التشديد على التحذير من البطالة والكسل والفراغ ، نقرأ ما جاء في رواية
الإمام الرضا عن أبيه الإمام الكاظم ( عليهما السلام ) ، قال : (
قالَ أبي لِبَعض
وِلده : إيَّاكَ والكسل
والضجر، فإنَّهما يمنعانك من
حَظِّك في الدنيا والآخرة )
.
وقد جسَّد الأنبياء والأئمة ( عليهم السلام ) والصالحون ( رضوان الله عليهم )
هذه المبادئ تجسيداً عملياً ، فكانوا يعملون في رعي الغنم ، والزراعة ، والتجارة ،
والخياطة ، والنجارة .
وقد وضّح الإمام علي الرضا ( عليه السلام ) ذلك ، فقد نقل أحد أصحابه ، قال :
رأيت أبا الحسن ( عليه السلام ) يعمل في أرضه ، قد استنقعت قدماه في العرق ، فقلت
له : جُعلت فداك ، أين الرجال ؟
فقال ( عليه السلام ) : ( رَسولُالله(صلى الله عليه وآله )
وأمير المؤمنين وآبائي، كُلّهم كانوا
قد عَمِلوا بأيديهم، وهو من
عَمَل النبيِّين
والمُرسلين والأوصِياء
والصَّالحين).
إنَّ كل ذلك يوفّر لجيل الشباب وعياً لِقِيمَة العمل ، وفهماً عميقا لأخطار
البطالة ، مما يدعوهم إلى توفير الكفاية المادية ، والكرامة الشخصية بالعمل
والإنتاج ، والابتعاد عن البطالة والكسل .
ومن أولى مستلزمات العمل في عصرنا الحاضر ، هو التأهيل الحِرَفي والمِهَني ،
واكتساب الخبرات العملية ، فالعمل يملأ الفراغ ، وينقذ الشباب من الأزمات النفسية ،
ويُلبِّي له طموحه في توفير السعادة ، وبناء المستقبل .
وكم تجني الأنظمة والحكومات لا سيما الدول الرأسمالية ، والشركات الاحتكارية ،
على أجيال الشباب في العالم الثالث ، باستيلائها على خيراته وثرواته ، واشعال نيران
الحروب والصراعات والفتن ، واستهلاك مئات المليارات بالتسليح والاقتتال ، مما
يستهلك ثروة هذه الشعوب ، ويضعها تحت وطأة البطالة والفقر ، والتخلف والحرمان .
لذا يجب أن نتسلح بالوعي السياسي والاجتماعي ، ونعمل على استثمار ثرواتنا ،
وتنمية الإنتاج والخدمات لأجيال الحاضر والمستقبل